مدحت محى الدين يكتب : كورونا تهدد بإنهيار الصحة فى الأقصر
_قرية بالأقصر تدعى ” الرياينة ” تعداد سكانها حوالى 35 ألف نسمة يواجه سكانها الآن إهمالا رهيبا من المسئولين فى كابوس فيروس كورونا ، تحديدا وكيل وزارة الصحة عن مديرية الشئون الصحية بالأقصر ” السيد عبدالجواد ” و رئيس مجلس مدينة أرمنت ” عبدالله عاشور ” ، دعنى أبدأ بالأخير عزيزى القارىء .
رئيس مجلس مدينة أرمنت ” عبدالله عاشور ” عندما طالبه السكان بعد ازدياد عدد المصابين بفيروس الكورونا ل 23 شخص بتطهير القرية عن طريق رش الكلور أسوة بما حدث فى الجامعات والمنشآت الهامة بالقاهرة ، أخبرهم رئيس مجلس المدينة بأنه لا يمكنه توفير الكلور ولا المطهرات ، وأنهم كمواطنين إذا أصروا فعليهم تجميع المال وعليهم القيام بذلك بمجهودهم الذاتى ، وهذا ما حاول فعله أبناء القرية بالفعل حيث قاموا بجمع المال واشتروا المطهرات ، وحاولوا رش القرية بأنفسهم وهم مرتعبون من فكرة هل هم يقومون بالرش والتطهير بشكل صحيح أم لا ؟ ، لأنهم قاموا بالتطهير دون ارتداء البدل الخاصة بهذه الأعمال ، واجتهد أحد المواطنين وقام بإرتداء شوال ” للسباخ ” ظنا منه أنه من الممكن أن يحميه من الفيروس كالبدل البلاستيكية الطبية !!!.
ولا أعلم عزيزى القارىء كيف فعل ذلك رئيس مجلس مدينة أرمنت ؟! كيف سمح لنفسه بتعريض أبناء القرية لخطر الإصابة بفيروس كورونا ؟! كيف سمح لنفسه بأن يخبر أبناء القرية بأنه كمسئول لا يستطيع توفير أبسط المطهرات وهو الكلور ، وكيف جرؤ لأن يقول لأهل القرية بأن عليهم القيام بذلك بأنفسهم والعديد منهم لا يستطيع ماديا تحمل مثل تلك التكاليف ؟! أين دوره كمسئول فى ظل الظروف العصيبة التى تشهدها البلاد ويشهدها العالم أجمع ؟!!.
أما وكيل وزارة الصحة عن مديرية الشئون الصحية بالأقصر ” السيد عبدالجواد ” فحدث ولا حرج عزيزى القارىء ؛ أولا نبدأ بقيامه بالتنبيه على الإدارات الصحية والمستشفيات التابعة له بعمل 15 تحليل فقط لفيروس كورونا باليوم ، يعنى عزيزى القارىء لو توجه 50 مواطن باليوم لعمل التحليل بإحدى المستشفيات سيذهب للمنزل 35 مواطن مشكوك بإصابتهم لمنازلهم لممارسة المزيد من الإختلاط والعدوى ، لأن طاقة السيد المسئول الإستيعابية لا تتحمل أن تتولى أكثر من 15 فرد باليوم !!!.
ثانيا : ليس هناك أى استعدادات الآن بالأقصر لعزل مرضى الكورونا والدليل على ذلك أن الحالات الإيجابية تم حجزها بمحافظتى أسيوط وأسوان !! ، دعنى أذكرك عزيزى القارىء بأن محافظة الأقصر كان المفروض أن يطبق بها نظام التأمين الصحى الشامل شهر مارس الماضى وطبعا لم يحدث ذلك نتيجة إصابة العالم بفيروس كورونا ، ولكن كيف كان سيطبق نظام التأمين الصحى الشامل بمحافظة كالأقصر أثبتت فى الأزمة عدم تأهلها لمواجهة الكورونا ولا لعزل المواطنين !! ماذا كانت تفعل الوزيرة هالة زايد عندما كانت تزور محافظة الأقصر منذ أشهر مصرحة أنها كانت تتفقد المنشآت الصحية لتتأكد من إستعدادها لتطبيق نظام التأمين الصحى الشامل ؟!! ، أول أمس صرح مسئول بإدارة أرمنت الصحية الذى كلفه وكيل صحة الأقصر ليكون مسئول صحى بقرية ” الرياينة ” بأنه تم عمل تحليل الكورونا ل7 أشخاص وثبت إصابة 5 منهم بالكورونا !! أى معظمهم عزيزى القارىء أيمكن أن تتخيل معى عزيزى القارىء كم أن الوضع مرعب بقرية كهذه !!!.
أعلم عزيزى القارىء بما يجول فى خاطرك ، أعلم أنك تريد أن تقول ” وماذا عن الناس ؟ هل طبقوا قواعد الحظر والعزل والتباعد المجتمعى ؟ ” ..أجيبك عزيزى القارىء بأن العيب ليس فقط عليهم ولكن المعظم يقع على الفجوة الكبيرة التى بين مجتمع كمجتمع الصعيد وغيره وما يعرض بالتلفاز والإعلانات والطريقة الغير مناسبة إطلاقا لمخاطبة المواطن البسيط ؟ يفتح المواطن المصرى البسيط التلفاز ليشاهد مسلسلات رمضان حديثة التصوير ، فيرى الفنانين وهم مخالطين لبعض وليس هناك أى علامة للتباعد المجتمعى ، ويشاهد فيها الفنان وهو يقوم بدور شخص ساكن بكومباوند ويذهب لعمله ويلهو بالكافيهات والأماكن العامة !!.
ثم يأتى فاصل إعلانى لمزيد من الفنانين المختلطين اللذين يروجون لشبكات المحمول والإنترنت مدعين بأنهم صوروا أنفسهم بأنفسهم عن طريق الهواتف المحمولة فى حين أنه ظاهر حتى للكفيف بأن الإعلان مصور بكاميرا وطاقم تصوير محترف !! عندما يشاهد المواطن البسيط مثل هذه المشاهد ويرى بنفسه رفض فنان بأن يمكث فى بيته ، وأنه نزل ليمارس عمله مختلطا بالجميع بلا أى تدابير لتباعد مجتمعى مفضلا الملايين من الجنيهات على صحته وصحة أولاده أكيد سيفكر فى قوت يومه وسيفضله هو أيضا حتى لو كان الفتات على أن يمكث فى منزله وخوفا من أن يفقد وظيفته .
الحقيقة المؤلمة هى أن دراما وإعلانات رمضان هذا العام أوحت للمتلقى البسيط أن الحياة عادية وجرأته ليعرض حياته وحياة أسرته للخطر ، وللأسف تمادى فى ممارسة العادات الخاطئة من اختلاط وزيارات عائلية حتى زادت الحالات المصابة بالفيروس المرعب ، الحقيقة المؤلمة أنه ليس هناك أى توعية حقيقية للمواطن البسيط بفيروس كورونا وطرق الوقاية منه ، فالفن والإعلام قاموا بدور معاكس ساهم فى تفاقم الأزمة .